1 تصنیف اللغة إلى معان إسمیة وحرفیة تنقسم کلمات اللغة کما قرأتم فی النحو إلى اسم وفعل وحرف . فالأسماء تدل على معان نفهمها من تلک الأسماء سواء سمعنا الاسم مجردا أو فی ضمن کلام . وأما الحرف لا یتحصل له معنى إلا إذا سمعناه ضمن کلام . ومدلول الحرف دائما هو الربط بین المعانی الاسمیة على إختلاف أنحائه ففی قولنا ( النار فی الموقد تشتعل ) تدل ( فی ) على ربط مخصوص بین مفهومین اسمیین وهما النار والموقد . والدلیل على أن مفاد الحروف هو الربط امران : أحدهما أن معنى الحرف لا یظهر إذا فصل الحرف عن الکلام ولیس ذلک إلا لان مدلوله هو الربط بین معنیین فحیث لا توجد معان أخرى فی الکلام لا مجال لافتراض الربط . والآخر أن الکلام لا شک فی أن مدلوله مترابط الاجراء ولا شک فی أن هذا المدلول المترابط یشتمل على ربط ومعان مرتبطة ولا یمکن أن یحصل هذا الربط ما لم یکن هناک دال علیه وإلا أتت المعانی إلى الذهن وهی متناثرة غیر مترابطة ولیس الاسم هو الدال على هذا الربط وإلا لما فهمنا معناه إلا ضمن الکلام لان الربط لا یفهم إلا فی إطار المعانی المترابطة فیتعین أن یکون الدال على الربط هو الحرف . وتختلف الحروف باختلاف أنحاء الربط التی تدل علیها ولما کان کل ربط یعنی نسبة بین طرفین صح أن یقال إن المعانی الحرفیة معان ربطیة نسبیة وإن المعانی الاسمیة معان استقلالیة وکل ما یدل على معنى ربطی نسبی نعبر عنه أصولیا بالحرف وکل ما یدل على معنى استقلالی نعبر عنه أصولیا بالاسم . واما الفعل فهو مکون من مادة وهیئة ونرید بالمادة الأصل الذی إشتق الفعل منه ونرید بالهیئة الصیغة الخاصة التی صیغت بها المادة . أما المادة فی الفعل فهی لا تختلف عن أی اسم من الأسماء فکلمه ( تشتعل ) مادتها الاشتعال وهذا له مدلول اسمی ولکن الفعل لا یساوی مدلول مادته بل یزید علیها بدلیل عدم جواز وضع کلمة اشتعال موضع کلمة ( تشتعل ) وهذا یکشف عن أن الفعل یزیده بمدلوله على مدلول المادة وهذه الزیادة تنشأ من الهیئة وبذلک نعرف أن هیئة الفعل موضوعة لمعنى وهذا المعنى لیس معنى اسمیا استقلالیا بدلیل أنه لو کان کذلک لأمکن التعویض عن الفعل بالاسم الدال على ذلک المعنى والاسم الدال على المدلول مادته مع أنا نلاحظ أن الفعل لا یمکن التعویض عنه فی سیاق الکلام بمجموع اسمین وبذلک یثبت أن مدلول الهیئة معنى نسبی ربطی ولهذا استحال التعویض المذکور وهذا الربط الذی تدل علیه هیئة الفعل ربط قائم بین مدلول المادة ومدلول آخر فی الکلام کالفاعل فی قولنا تشتعل النار فإن هیئة الفعل مفادها الربط بین الاشتغال والنار . ونستخلص من ذلک أن الفعل مرکب من اسم وحرف فمادته اسم وهیئته حرف ومن هنا صح القول بأن اللغة تنقسم إلى قسمین : الأسماء والحروف دروس فی علم الأصول ( طبع انتشارات اسلامى )،ج‏1،ص:85 - 84

2 . دروس فی علم الاصول ج1 ص237

3 . الإطلاق فی المعانی الحرفیّة:

مر بنا سابقا ان المعانی فی المصطلح الأصولی تارة تکون معانی إسمیة کمدلول عالم ، ( أکرم العالم ) ، وأخرى معانی حرفیة ، کمدلول صیغة الامر فی نفس المثال ، ولا شک فی أن قرینة الحکمة تجری على المعانی الاسمیة ، ویثبت بها إطلاقها ، واما المعانی الحرفیة فقد وقع النزاع فی امکان ذلک بشأنها ، مثلا : إذا شککنا فی أن الحکم بالوجوب هل هو مطلق وثابت فی کل الأحوال ، أو فی بعض الأحوال دون بعض ، فهل یمکن ان نطبق قرینة الحکمة على مفاد ( أکرم ) فی المثال وهو الوجوب المفاد على نهج النسبة الطلبیة والارسالیة لاثبات انه مطلق أو لا ؟ وسیأتی توضیح الحال فی هذا النزاع فی الحلقة الثالثة ان شاء الله تعالى . والصحیح فیه إمکان تطبیق مقدمات الحکمة فی مثل ذلک دروس فی علم الأصول ( طبع انتشارات اسلامى )،ج‏1،ص: 237

4 . ص 16

5 . ثم الظاهر أن الواجب المشروط کما أشرنا إلیه ، أن نفس الوجوب فیه مشروط بالشرط ، بحیث لا وجوب حقیقة ، ولا طلب واقعاً قبل حصول الشرط ، کما هو ظاهر الخطاب التعلیقی ، ضرورة أن ظاهر خطاب ( إن جاءک زید فأکرمه ) کون الشرط من قیود الهیئة ، وأنّ طلب الإکرام وإیجابه معلق على المجیء ، لا أن الواجب فیه یکون مقیداً به ، بحیث یکون الطلب والإِیجاب فی الخطاب فعلّیاً ومطلقاً ، وإنما الواجب یکون خاصاً ومقیدا ، وهو الإکرام على تقدیر المجیء ، فیکون الشرط من قیود المادة لا الهیئة ، کما نسب ذلک إلى شیخنا العلامة أعلى الله مقامه ، مدعیاً لامتناع کون الشرط من قیود الهیئة واقعا ، ولزوم کونه من قیود المادة لبّاً ، مع الاعتراف بأن قضیة القواعد العربیة إنّه من قیود الهیئة ظاهراً.أما امتناع کونه من قیود الهیئة ، فلإنّه لا إطلاق فی الفرد الموجود من الطلب المتعلق بالفعل المنشأ بالهیئة ، حتى یصحّ القول بتقییده بشرط ونحوه ، فکل ما یحتمل رجوعه إلى الطلب الذی یدلّ علیه الهیئة ، فهو عند التحقیق راجع إلى نفس المادة. «کفایه الاصول ج1 ص96«